القائمة الرئيسية

الصفحات

شرعب الرونه: تواجه شبح الحرب ووباء الكوليراء في ظل صمت مريب لأعيان ووجهاء المديريه


  إسماعيل أحمد
في وقت تتضاعف فيه معاناة الناس وتزداد مآسيهم جراء الحرب القائمة ، تخوض مديرية شرعب الرونة لتوها مواجهات مسلحة بين قياداتها ومشائخها  بصورة تنبئ عن عدم قدرتهم على استيعاب مخاطر اللجوء للسلاح وعجزهم عن إدارة مصالحهم وخلافاتهم دون مزيد من الدماء والأرواح وبعيدا عن تعطيل حياة الناس ومصالحهم في سوق يعد كشريان وحيد لأكثر من نحو 200 الف مواطن مجموع سكان المديرية وفقا لمنظمة الاوتشا  .
قبل أيام شهد سوق مركز المديرية مواجهات مسلحة بين جماعتين تتبعان مراكز النفوذ والسيطرة خلفت قتيلا وعددا من الجرحى وسط المدنيين ما أدى لاستنفار أقارب القتيل في عزلة بني زياد الذين حاصروا مبنى إدارة أمن المديرية للمطالبة بالقتلة في مشهد يعكس حالة الفوضى التي تعيشها المديرية في ظل تواطؤ وصمت المعنيين بسلطة الواقع .
وتأتي الحادثة ضمن مسلسل وقائع واعتداءات مشابهة سبق لمسلحين نافذين إرتكابها بحق تجار في السوق ومركبات نقل ركاب من المديرية إلى صنعاء ، ولا تدل هذه الأحداث المتتالية إلا على أن المديرية تحضر نفسها لموجة عنف قادمة وعنيفة ستقضي على المكتسبات التي تراكمت وجرى وصفها، قبل أسابيع في مواقع الأخبار ، على أنها انعكاس طبيعي لحالة استقرار السلطة البديلة التي نهضت بمسؤولياتها قيادات اجتماعية وقبلية محلية لملئ الفراغ الأمني الشاغر في اجهزة السلطة المحلية وتجنيب المديرية مخاطر الإقتتال الداخلي .
قد يكون تعبير السلطة البديلة في وصف حالة شرعب الرونة مبالغا فيه، لكن مالم يكن متوقعا هو أن القيادات والشخصيات المسيطرة لم تبلغ من الوعي ذلك المستوى الذي يقيها من كوارث استخدام السلاح في لحظة باتت البلاد بكل مديرياتها تندب حظها مع الحرب وتلعن اللحظة التي جانبت فيها نداءات العقل وصوت الحكمة .
من المعلوم أن ظروف الحرب ومساراتها الميدانية، كانت قد جعلت من شرعب ، هذه المرة ، بمنأى عن ساحات الحرب وجبهات القتال المباشرة ، غير أن إرادة نخبها لم تكن هي السياج المانع والحامي ، كما تم تداوله في سياق الإشادة بحكمة قادتها وعمق بصيرتهم ووعيهم بمخاطر الفوضى الأمنية، بقدر ماكانت مستسلمة للتوازنات التي أثبتت الأيام عدم قدرتها على الصمود والبقاء طوبلا أمام إغراءات المصالح التي ستكون لاحقا واحدة من أهم أسباب ودوافع النزاعات والصراعات المسلحة.
في شرعب ، يعاني الناس، مثلهم مثل كل اليمنيين، من آثار الحرب ومضاعفاتها الإنسانية ، غير أن حظها من كوارث الأوبئة والأمراض وتحديدا الكوليرا ، كان أكبر من غيرها في مديريات الريف الأخرى، فالوباء ينتشر في القرى على نحو مخيف ومرعب ليحصد معه يوميا عددا من الضحايا في مناطق مختلفة من عزل المديرية ، حيث بلغت حالات الإصابة نحو 50 حالة وفقا لتقارير رسمية عن مكتب الصحة في المديرية الذي تعجز مراكزه الصحية عن مواجهة حالات الإصابة والإيفاء بمتطلبات المكافحة فضلا عن العلاح بسبب ضعف إمكانياتها وتفشي الوباء بصورة غير مسبوقة .
سلمت شرعب ونجت من الأضرار المباشرة لكوارث الحرب ودمارها ، لكن مراكز النفوذ فيها كأنهم أحرص على أن لا تنتهي قبل أن يصفوا حساباتهم على حساب مصلحة المديرية وفوق رؤوس أبنائها الذين يطحنهم الفقر والجوع عوضا عن المرض دون إغاثة من أحد أو حتى تألم، فالمنظمات الإنسانية والإغاثية لا ترى فيها ما يستحق المساعدة رغم تصنيفها لها ضمن المديريات التي تحتاج الي تدخل عاجل لمواجهة الكوليرا .
شرعب لا ينقصها تصنيف المنظمات الدولية كواحدة من أكبر المديريات الموبوءة ولا التنظير حول كفاءة نخبها في الحفاظ عليها وربما في هذه اللحظة أن حاجتها للمساعدات الغذائية لا ترقى لمستوى حاجتها لوقف الإنزلاق نحو اقتتال داخلي ليس بمقدور كل الحكماء وقفها فيما لو تحركت عجلتها باتجاه الموت الجماعي .
ما تحتاجه المديرية في هذا التوقيت بالذات هو عمل مراكز السلطة الفعلية والنفوذ على تنظيم صراعاتهم على الموارد بالطريقة التي تضمن تحاشي الدخول في أحداث قتل وإعتداءات يصعب السيطرة عليها فيما لو اتسعت لتشمل أطراف إجتماعية أخرى ستسعى بكل تأكيد للإعتماد على السلاح دفاعا عن نفسها
. تحتاج إلى أن تقر جميع الأطراف من مشائخ وقادة سياسيين وشخصيات عامة بضرورة تفعيل الحد الأدنى والممكن من وظائف إدارة الأمن واحترام إرادتها بتمكينها من تحمل مسؤولياتها تجاه أمن وحقوق المواطنين ، على أن تعمل تلك القيادات على إنشاء لجنة مرجعية تعمل على احتواء المشاكل التي تتجاوز قدرات الإدارة الأمنية التي تعاني مثل غيرها من أجهزة الدولة من إختلالات عميقة .
نحتاج لأن يعي المجتمع دوره تجاه مثل هكذا ظروف حساسة حساسية الظرف الذي تمر به البلاد ومسؤولياته تجاهها التي تحتم عليه الحذر والتعاطي مع القضايا بقدر عالي من الحيطة والتفهم لحالة الفوضي . نحتاج لإعلام هادف ومدرك لوظائفه التي تجعل منه منبر للتنوير والتوعية من خلال مخاطبة الواقع كما هو لا كما يريد .
إعلام يتجنب الإنزلاق في مهام إشعال النيران وصب الزيت عليها بالتحريض وبعث الثارات والعصبية
ردرود الأفعال:

تعليقات