القائمة الرئيسية

الصفحات

داء الكلب ... موت يتربص بالأطفال في اليمن




تعز – مجاهد حمود :    


أصيب الطفل أحمد سعيد سلطان ذو الـ 12 عام بعضة كلب مسعور في رجلة اليمنى منتصف مايو من العام الحالي اثناء خروجه لرعي الاغنام في أحد الارياف بمديرية شرعب الرونة شمال محافظة تعز.

 لم يأبه أحد لإسعافه في الحال او استخدام الإجراءات  الاحترازية بغسل الجرح بالماء والصابون , وكأن لا شيء حدث بقي مرمياً به في المنزل اصيب بالحمى حتى اصيب بشلل نصفي , تم اخذه الى احد المعالجين بالقرآن الكريم ظناً بأنه أصيب بمس شيطاني تدهورت حالته الصحية  بشكل مخيف وتم إسعافه بعدها الى الحوبان ثم الى محافظة إب وهي الأقرب من مدينة تعز بسبب إغلاق الطرقات الرئيسية لكنه توفي بعد ثلاثة ايام من ظهور الأعراض.  


غياب الوعي.


حادثة أحمد شكلت منعطفاً آخر أيقظت الجميع من غفلتهم عن المخاطر المحدقة بهذا الداء القاتل والمرعب, الجميع بقي متسائلاً من اين جاء الكلب المسعور ومن أين مر ؟

ريم طفلة ذو خمسة أعوام قالت بأنه مر جوار منزلها وحاول عضها ونجت منه بأعجوبة , لكن والدها لم يقتنع بذلك قام بأخذها على الفور الى احد المراز الصحية لأخذ جرعة اللقاح كـ احتياط تفادي للمخاطر.


مدير البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب في وزارة الصحة بصنعاء الدكتور احمد حسن الورد حذر من هذا التجاهل بمخاطر داء الكلب في  الارياف داعياً الجهات المختصة بوزارة الصحة الى نشر مواد توعوية تحذر من هذا المرض وكيفية التعامل معه من خلال الاسعافات الأولية كغسل الجرح بالماء والصابون بماء متدفق لفترة لاتقل عن ربع ساعة ك إسعاف أولي للمصاب .


ما هو داء الكلب؟


ويعرف داء الكلب بأنه " مرض فيروسي يصيب الجهاز العصبي المركزي للثدييات (الكلاب والقطط والثعالب وما إلى ذلك) ، بما في ذلك البشر. 

ويوجد فيروس داء الكلب بشكل خاص في لعاب ودماغ الحيوانات المصابة ، وهي الكلاب الأكثر شيوعًا ، وينتقل عن طريق العضة. تمثل الخفافيش أيضًا خزانًا مهمًا في مناطق معينة. يمكن أن يخلق الوجود الكبير في أنواع الحياة البرية فرصًا متعددة للانتقال عبر الأنواع ، مما يؤثر في الغالب على الحيوانات الأليفة والبشر.

نظرًا لأنه يمكن أن ينتقل بين الحيوانات والبشر ، فإن داء الكلب هو مرض حيواني المصدر (أو مرض حيواني المنشأ). حسب منظمة الصحة العالمية


قد تكون الأعراض غير محددة في البداية ، ولكنها تشمل الخمول والحمى والقيء وفقدان الشهية. في غضون أيام ، يمكن أن تتطور العلامات إلى ضعف دماغي ، ترنح ، ضعف وشلل ، صعوبات في التنفس والبلع ، إفراط في إفراز اللعاب ، سلوك غير طبيعي ، عدوانية و / أو تشويه الذات.


قد تختلف فترة الحضانة من عدة أسابيع إلى عدة أشهر ، ولكن بمجرد ظهور أعراض داء الكلب يكون المرض قاتلاً دائمًا لكل من الحيوانات والبشر. حسب منظمة الصحة العالمية.




انفوجرافيك (١) تعريفي بداء الكلب


مدير برنامج الوطني لمكافحة داء الكلب بوزارة الصحة بصنعاء الدكتور احمد حسن الورد أوضح للمشاهد بأن داء الكلب " هو عبارة عن التهاب فيروسي يصيب الجهاز العصبي المركزي ثم يؤدي الى الوفاة  ، والإماتة فيه 100% اذا لم تتخذ الاجراءات كالإسعافات الاولية في الوقت المناسب ويعد من الامراض القاتلة.


وأكد "الورد" بأن فترة حضانة المرض قد تكون من أسبوعين الى ثلاثة أسابيع او أربعة اسابيع وقد تكون من نصف شهر الى شهرين في العادة بينما قد يكون أقل من اسبوع الى اكثر من سنة وهذا يعتمد على عدة اشياء منها مناعة الجسم ، قرب العضة وبعدها من الدماغ، وكمية الفيروسات الداخلة الى الجسم ووسائل الحماية حال ما تكون العضة مباشرة على الجسم او من خلال الملابس التي يرتديها المصاب .


ويعرف "الورد" فترة الحضانة بأنها هي المدة الزمنية " منذُ فترة العضة حتى ضهور الاعراض " مُشيراً الى مراحل الاعراض المرحلة الأولى الاعراض العامة وهي التي تبدا كحمى وتوعك وصداع  ,  تليها المرحلة الثانية وهي الاعراض التشخيصية والتي هي حكة وألم شديد في مكان العضة , تغيرات حسية " الخوف ,القلق , الخوف من الماء ,الارتباك , النشاط الزائد, العدوانية ,الشراسة وهي المرحلة التي يمكن تشخيص المرض من خلالها ،

 والمرحلة الثالثة هي التشنجات الاختلاجات , الشلل التدريجي , ثم الوفاة.


اكثر من 96 ألف إصابة خلال 9 سنوات


وتلقى المشاهد على احصائيات من البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب في صنعاء توضح بأن عدد المصابين خلال  9 سنوات بلغ اكثر من 96 ألف مصاب في اليمن بمتوسط 11 ألف حالة سنوياً منذ العام 2011 حتى 2019 م , وسجل العام 2021 م 15 ألف إصابة  بالمرض .


وبلغ المصابون من الأطفال دون 15 عام بنسبة 41% , وذكور 32% , إضافة الى 27% من الإناث., إضافة الى 46 حالة وفاة .


 و شهدت محافظة ذمار اكبر نسبة في عدد الحالات المصابة بنسبة 33% تليها محافظة إب بنسبة 25.8% ثم أمانة العاصمة بنسبة 25.6% .


ولفت  الورد الى  26  وحدة   لدى المركز الوطني لمكافحة داء الكلب  يتوزعون على محافظات اليمن المختلفة .


وأوضح مسئول وحدة مكافحة داء الكلب بالمستشفى الجمهوري بصنعاء  الدكتور عبده غراب ل "المشاهد"  بأن وحدة مكافحة داء الكلب بالمستشفى الجمهوري بصنعاء تستقبل  من 50 – 70 حالة يومياً من مختلف المناطق .


انفوجرافيك (٢) " الكلاب الضالة موت يتربص بالاطفال في اليمن

المحافظات الأكثر إصابة.

وذكرت دراسة رصدية بعنوان  "حدوث واتجاه ومعدل وفيات تعرض الإنسان لداء الكلب في اليمن  ، 2011-2017 تم نشرها في 31 يناير 2021 م  اعدها كلاً من "ريحانة طاهر عبد المغني ، وأحمد حسن الورد ، و خالد عبد الله المؤيد ، و محمد عبد الله العمد ، ويوسف صالح خضر" بان أعلى معدل لحدوث عضات الكلاب في ذمار و إب بواقع 112 و 94 لكل 100،000 من السكان على التوالي ، وكان أعلى معدل للإصابة بداء الكلب في أمانة العاصمة و إب بواقع 40 و 37 لكل 100،000 من السكان على التوالي. حيث سجلت أمانة العاصمة أعلى معدل وفيات بواقع 6 وفيات لكل 1،000،000 ، تليها إب وذمار بمعدل 4 وفيات لكل 1،000،000 من السكان حسب الدراسة .



انفوجرافيك (٣) "معدل الاصابات والوفيات بداء الكلب منذ ٢٠١١ حتى ٢٠١٩"



الوقاية من داء الكلب


وتطرق الورد إلى جملة من النقاط المهمة للوقاية من المرض مثل عدم تربية الكلاب الزائدة عن الحاجه , تلقيح الكلاب المملوكة ,عدم اللعب او العبث بالأطفال مع الحيوانات الشرسة او آكلة اللحوم وبالذات الكلاب والقطط. ثم تطعيم الناس الاكثر احتكاكا بالحيوانات مثل البيطريين وعمال المزارع التي يتواجد فيها الحيوانات , بالإضافة الى العلاج للأشخاص الذين يتعرضون للعض مباشرة , مثل الاسعافات الاولية المتمثلة بالغسل بالماء والصابون لمدة لا تقل عن ربع ساعة بما متدفق بحيث لا يعود الماء الى الجرح مؤكداً أن هذا يمثل من 50 – 70% من المعالجة . ويعد الدفاع الأول لحماية الشخص من انتقال الفيروس. ثم نقله الى اقرب مركز صحي ثم وحدة مكافحة داء الكلب اذا كان الكلب غير معروف او ظاهرة عليه الأعراض. وإذا كان الكلب مملوك والعضة بعيدة عن الدماغ فيكتفي بغسل الجرح بالماء والصابون  ومراقبة الكلب لمدة لا تقل عن عشرة ايام واذا مضت والكلب بخير يأكل ويشرب فلا قلق على الشخص المصاب. لقاح داء الكلب يتمثل في خمس جرعات خلال شهر بالإضافة الى جرعة المصل والتي تكون في اول لقاح مع زيارة المرفق الصحي او وحدة مكافحة داء الكلب


داء الكلب في سلة المهملات بتعز


وأوضح مدير وحدة مكافحة داء الكلب في المستشفى السويدي بمدينة تعز  عامر البوصي " للمشاهد" بأن برنامج داء الكلب يعد من البرامج المهملة في الترصد الوبائي لدى وزارة الصحة نفسها , مضيفاً بأن التسمية هذه اخذت لما بعدها من عدم اهتمام ومتابعة على مستوى المنظمات والجمعيات التي يتم التواصل معهم يقولوا بأن البرنامج لا يوجد ضمن الخطة المعدة للمنظمة بعكس البرامج الاخرى مثل الكوليرا وكورونا كوفيد19 .


ويستدرك "البوصي"  داء الكلب لم يتلقى اي اهتمام لا ادري اهو لعدم معرفة المعنيين بخطورة هذا المرض ولذا هو ضمن سلة المهملات .

ويحذر البوصي  من خطورة هذا المرض الذي يعد من الامراض المخيفة والمرعبة والمميتة لكثير من الحالات التي تصاب بهذا المرض ,لكن انا اخلي مسؤوليتي دائماً كمختص ومنسق للبرنامج في محافظة تعز لعدم وجود لقاحات وأمصال بشكل كافي ومستمر لمركز وحيد لمحافظة تعز بينما نحتاج فتح مراكز في اكثر من مديرية .


وأشار البوصي الى دراسة معدة لفتح اكثر من مركز في محافظة تعز مركز في النشمة"  و المواسط ومقبنه والبرح والراهده ولكنها الان تعد ضمن المديريات الخارجة عن الحكومة اليمنية .


 ويضيف تم اعداد تقرير متكامل وتم رفعة لمكتب الصحة في المحافظة في اخر اجتماع مع مدير مكتب الصحة راجح المليكي وتم الاتفاق على تفعيل فتح المراكز في المديريات المذكورة سابقاً للاقتراب من المواطنين الذين يصعب عليهم الوصول الى المركز في مدينة تعز بسبب صعوبة الطريق والمبالغ الكبيرة للمواصلات .


واكد ان العقبة القائمة امام تنفيذ البنود القائمة في برنامج داء الكلب هو عدم توفر اللقاحات والأمصال. 


وسخِر البوصي من الخطة السابقة قائلا : ما فائدة فتح اكثر من مركز مختص بداء الكلب واللقاحات لم تتوفر , تظل هي الكارثة نفسها ..


أرقام وإحصائيات


وحصل المشاهد على احصائيات لعدد الحالات المسجلة لدى وحدة مكافحة داء الكلب في تعز حيث تم رصد 653 حالة إصابة بداء الكلب , و 3 حالات وفاة  خلال العام 2021 م . منها 60% من الأطفال

وخلال العام الجاري منذ يناير حتى يونيو 2022 تم رصد 60 حالة اصابة بعضات كلاب مسعورة رغم عدم وجود اية لقاحات منذ شهر اكتوبر 2021 بصورة نهائية في وحدة داء الكلب بتعز . مشيرا الى عدد الحالات التي يستقبلها المركز بشكل شهري من 30 – 20 حالة مصابة .

ويصل سعر اللقاح الى 13 ألف ريال والمصل الى 11 ألف ريال واللقاح الواحد يتمثل في  خمس جرعات تصل اجمالي قيمتها الى أكثر من 60 ألف ريال.



انفوجرافيك (٤) داء الكلب في سلة المهملات في تعز .


 


وتنتشر الكلاب بصورة مخيفة في شوارع المحافظات اليمنية حيث ذكرت تقارير سابقة ان هناك اكثر من  ٧٠ ألف كلب ضال في أمانة العاصمة حتى العام  ٢٠١٧م  وهو مهيأ  للارتفاع او الزيادة بسبب  توقف المكافحة بسبب توقف الميزانية  وارتفاع أسعار المستلزمات المستخدمة ، حسب تحقيق  سابق لشبكة أريج   "


وذكرت الدراسة الرصدية  بأن داء الكلب لايزال يمثل مشكلة صحية مقلقة في اليمن ، حيث تم الإبلاغ عن نسبة أعلى من الحالات بين الأطفال والذكور بنسبة 78%.


حيث  كان معدل حدوث عضات الحيوانات المصابة بداء الكلب 50 و 14 لكل 100،000 من السكان ، على التوالي ، وكان معدل الوفيات السنوي 2 لكل 1000،000 من السكان. 




داء الكلب: أحد أكثر الأمراض الحيوانية فتكًا.



وذكرت تقارير لمنظمة الصحة العالمية انه لأكثر من 4000 عام ، ابتلى داء الكلب كل ركن من أركان العالم تقريبًا ، وقد تم بذل الكثير من الجهد من أجل القضاء عليه. على الرغم من القضاء عليه في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان وكوريا الجنوبية وأجزاء من أمريكا اللاتينية ، لا يزال المرض الفيروسي موجودًا في أجزاء كبيرة من إفريقيا وآسيا.

وأشارت المنظمة الى أن معظم الوفيات الناجمة عن داء الكلب  تعود في كل من البشر والحيوانات ، إلى عدم كفاية الوصول إلى موارد الصحة العامة والعلاج الوقائي. وهذا يعني أن البلدان منخفضة الدخل تتأثر بشكل غير متناسب بالمرض.

وذكر التقرير ان  حوالي 99 % من حالات داء الكلب في البشر ناتجة عن عضات الكلاب المصابة    

 وأضاف التقرير بان أكثر من 95٪ من حالات داء الكلب المميتة في العالم تحدث في إفريقيا وآسيا

بالإضافة الى أكثر من 80٪ من حالات داء الكلب تحدث في المناطق الريفية مع وصول محدود أو غير موجود لحملات التثقيف الصحي والعلاج بعد العضة 4 من كل 10 وفيات بداء الكلب تحدث عند الأطفال.

حلول ومعالجات 

وتطرق احمد حسن الورد الى جملة من الحلول والمعالجات المتمثلة  بحملات التثقيف والاتصال والمعلومات حول التدابير الوقائية من خلال استهداف السكان في المدارس.

إضافة الى  إدخال نظام إلكتروني لتحسين التقارير وتوفر  كمية كافية من اللقاحات والغلوبولين المناعي في وحدات التحكم ، خاصة في المحافظات المعرضة للخطر .


و لفت إلى أن مسؤولية مكافحة داء الكلب هي مسؤولية مشتركة بين عدة وزارات وجهات اخرى معنية  حيث يتمثل دور كل جهة بما  يلزمها

وبهذا يمكن معالجة المشكلة التي تشكل خطورة على المجتمع .


ردرود الأفعال:

تعليقات