تعز - مجاهد حمود:
موفق، طالب في الصف الثالث ثانوي بتعز، اجتهد كثيرًا، وانعزل عن الجميع ساعات وأيامًا، قبل بدء اختبارات الثانوية في مايو هذا العام. قرأ المنهج الدراسي كاملًا، وحفظ الكثير من المعلومات، معتقدًا أن ذلك الاختبار هو الطريق إلى المستقبل.
في اليوم الأول، استمر موفق بمراجعة الكتاب المدرسي حتى قبل بدء الاختبار بنصف ساعة. كان قلقًا من صعوبة الأسئلة، وحريصًا على تحقيق درجات عالية. لكن ذلك القلق تحول إلى حزن عميق عندما رأى اعتماد معظم زملائه على الغش في مركزه الامتحاني بمديرية شرعب الرونة، شمالي محافظة تعز.
يقول موفق لـ”المشاهد”: “إنها جريمة أن تقضي كل وقتك مهمومًا بالمذاكرة ومراجعة الدروس، ليأتي طالب آخر لم يحضر الحصص المدرسية، ويتفوق عليك بمعدله الذي يحصل عليه من خلال الغش في الامتحانات”.
ويضيف: “لم يعد الغش في الاختبارات جُرمًا كما كان في الماضي، بل أصبح عادة يقبلها المراقبون في المراكز الامتحانية، ويستحسنها أولياء الأمور الذين يبكرون كل صباح لمتابعة أبنائهم ودعمهم بالغش وإنفاق المال مقابل هذا دون خوف أو خجل”.
تدهور قطاع التعليم في اليمن منذ اندلاع الحرب عام 2015، وتراجعت جودة مخرجات التعليم في البلاد في ظل تدني الاهتمام الرسمي بالعملية التعليمية. تقول الأمم المتحدة إن 160 ألف معلم يمني يعانون من عدم تسلم رواتبهم منذ العام 2016، الأمر الذي أثر على حياتهم المعيشية وجودة العملية التعليمية.
يعترف الطالب حسام بأنه لم يحضر حصة دراسية واحدة منذ بداية العام، وكان يعمل في مدينة تعز. وعندما جاء وقت الامتحان، عاد إلى القرية لحضور الامتحان. تحدث حسام مع “المشاهد”، وتساءل: “لماذا أحضر للدراسة والجميع يعتمدون على الغش؟”.
ويضيف: “دفعت يوميًا من 1500 ريال إلى 2000، وتم إدخال مدرس متخصص لكل مادة، وقاموا بالإجابة على كل الأسئلة وتوزيعها للطلاب في القاعة. لا حاجة للاجتهاد والمذاكرة والتعب”.
أسباب وحلول
حزام حميد، وكيل مدرسة الشهيد ياسين عبدالماجد بشرعب الرونة، يقول لـ”المشاهد” إن عددًا من الأسباب عملت على تفشي هذه الظاهرة، ومنها عدم استشعار المسؤولية من القائمين على عملية الاختبارات، بدءًا بالمديرية وانتهاءً بمن يرأسون لجان الاختبارات في المدارس.
السبب الثاني يتعلق بضعف العملية التعليمية، وهذا الضعف ناجم عن عدة عوامل، مثل عدم وجود المنهج الدراسي، وتسرب كثير من الكوادر المؤهلة من المدارس، والذهاب للعمل خارج المؤسسة التعليمية، وضعف الأداء لكثير من العاملين، والوضع الاقتصادي المتردي الذي أثر على المدرس والطالب، والفساد المستشري في المؤسسات التعليمية، بحسب حميد.
ويضيف حميد: “لقد أصبحت ظاهرة الغش متأصلة لدى الطالب وولي الأمر والمدرس، وكأنها حق من حقوق الطالب. الغش جريمة يعاقب عليها كل من يقوم بها ابتداءً بالطالب وانتهاءً بالمراقب ورئيس اللجنة”.
عبدالواحد أحمد، تربوي بمحافظة تعز، يقول إن التعليم أصبح خارج اهتمام السلطات وأولياء الأمور، بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد جراء الحرب.
ويشير أحمد إلى أن بعض الطلاب يذهبون إلى العمل من أجل الإنفاق على أسرهم في ظل انقطاع المرتبات وتدهور الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار، وعندما يعودون أثناء الاختبارات، يلجؤون إلى الغش.
في ظل التفشي المتزايد لظاهرة الغش في المدارس، يقترح حميد عددًا من الحلول ، منها تفعيل الرقابة والتفتيش، ورفد المدارس بالكوادر المؤهلة، إضافة إلى توفير الكتاب المدرسي للطالب من بداية العام، وإعطاء المعلم كامل حقوقه ومحاسبته.
تعليقات
إرسال تعليق