استمرار معاناة حصول مرضى الدم في اليمن على العلاج منذ نهاية 2022 |
تعز – مجاهد حمود
“لا حياة إلا بالعلاج، وإذا انقطع عني امرض مرض شديد، حتى اشاهد الموت ، بعدها يتم إسعافي فوراً إلى المستشفى وعلاجات وسوائل وريدية وما أحس بالتعافي إلا بعد شهر من المرض والألم الشديد.”
بهذه الكلمات يروي الأربعيني فهد عبده محمد، مصاب بالثلاسيميا معاناته مع المرض وانعدام الأدوية .
والثلاسيميا يحدث بسبب خلل وراثي لخلايا الدم الحمراء، ينتج عن ذلك انخفاض نسبة الهيموجلوبين، المكون الأساسي لكريات الدم الحمراء والناقل للأكسيجين، وتختلف الأعراض حسب نوع وشدة المرض، حسب وزارة الصحة السعودية.
يقول محمد للمشاهد “المعاناة مع المرض لا تتوقف وليس لها حدود، المرض من جهة والضعف والعجز عن العمل لتوفير قيمة الأدوية من جانب آخر ، فتوفير علاجات التكسر مثل الهيدروكسي يوريا، وغيره أمر في غاية الصعوبة بعد انقطاعه عن جمعية اصدقاء الدم قبل عام وأكثر والذي كان يصرف بالمجان بشكل شهري.”
ويضيف فهد أن بعض المرضى أوقفوا العلاج بسبب الحالة المادية وعدم قدرتهم على شراءه .
الأمان الدوائي
يقول فهد كنت احس بالامان لما كان يصرف لنا الـ هيدروكسي يوريا”” اعيش وانا آمن انا وغيري ما أهم قيمة العلاج اومن أين شدبره واحيان تتدبر واحيان لانقدر ندبرها.
حزام حميد، والد احد المصابين بالتلاسيميا يقول للمشاهد المعاناة أننا لا نحصل على العلاج بصورة مستمرة من الجمعيات التي ترعى أمراض الدم، فنضطر للبحث في السوق فلا نجد العلاج المطلوب في أغلب الصيدليات، حتى النوع الهندي الرديء لا يوجد في معظم الصيدليات فيضل المرضى يعانون لعدة أشهر حتى تأتي دفعة علاج في الجمعية لا تكفي لمدة شهرين.”
عمار حمود، مصاب آخر بالثلاسيميا، يقول للمشاهد بعد انقطاع الادوية من جمعية اصدقاء الدم بتعز الآن اشتري هيدروكسي يوريا، صنف هندي رديء بمبلغ 10000 ريال يمني مايعادل (17) دولار أمريكي بالشهر ناهيك عن بقية الأدوية كحمض الفوليك وغيرها . وهذا تحدي كبير وعقبة نتجاوزها بشق الأنفس من خلال تدبير قيمة الدواء فنحن لانقدر على العمل لتوفير قيمة الادوية.”
نقص الأدوية
تزداد أوضاع مرضى الثلاسيميا صعوبة وتعقيدا في ظل إنعدام تقديم العلاج مجانا، خصوصا هيدروكسي يوريا، الذي ينعدم بشكل كلي من مخازن وزارة الصحة العامة والسكان ، وكذا من مخازن المراكز العلاجية التابعة للجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي في اليمن منذ أكتوبر 2022 ، حسب الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسميا والدم الوراثي.
جميل الخياطي، المدير التنفيذي للجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي، قال للمشاهد أن هيدروكسي يوريا، متوفر لدى الجمعية في صنعاء وبكميات قليلة ، وكان قد انقطع لمدة ثلاثة أشهر في العام 2022 وتم توفيره على مراحل .
وأشار الخياطي إلى توفره حاليا ولكن بكميات قليلة قد تنفذ خلال شهر او شهرين ، مشددا على الحاجة الماسة لتوفير الأدوية الضرورية لمرضى الثلاسيميا حتى لا تنقطع ويدخل المريض في مضاعفات لا تحمد عقباها .
ولفت الخياطي الى انعدام أو نقص الدواء هيدروكسي يوريا يعد تحديًا خطيرًا لصحة مرضى الثلاسيميا. هذا الدواء يستخدم لعلاج الثلاسيميا بشكل فعال عن طريق تقليل إنتاج الهيموجلوبين غير الطبيعي وتقليل الحاجة إلى نقل الدم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يقلل هيدروكسي يوريا من تكرار الأزمات الناجمة عن الثلاسيميا ويحسن جودة حياة المرضى.
واضاف : تأثير نقص هذا الدواء يمكن أن يكون كارثيًا على صحة مرضى الثلاسيميا، حيث يزيد من خطر تطور الأعراض الشديدة للمرض ويزيد من الحاجة إلى التدخلات الطبية الطارئة مثل نقل الدم. كما أنه قد يؤدي إلى تدهور في جودة الحياة وزيادة في المضاعفات الصحية للمرضى.
لذا، فإن ضمان توفر الدواء Hydroxyurea 500mg بشكل منتظم وكافي يعد أمرًا حيويًا لمعالجة وإدارة الثلاسيميا بفعالية وتحسين نوعية حياة المرضى وتقليل المضاعفات الصحية المحتملة حسب الخياطي.
نقص علاج أمراض الدم في تعز
يقول الدكتور خالد النهاري، رئيس جمعية أصدقاء الدم في تعز، مازال الصنف من العلاج Hydroxyurea غير موجود لدينا في الجمعية منذ اكتوبر من العام 2022 حتى الان ، تلقينا وعودا بتوفيره لدينا من الجمعية في صنعاء ولكن للاسف لم يتوفر حتى الآن .
وأكد النهاري أن الجمعية مازالت تعمل بجهود ذاتية، دون أي دعم حكومي أو دولي . تسبب انعدام الأدوية بشكل نهائي نهاية أكتوبر الماضي بمعاناة حقيقية للمرضى وأهالي المرضى بتوفير الأدوية، وهو ما يفاقم الألم والوجع، ويضيف أوجاعًا إلى أوجاعهم”.
ويضيف: “رغم شحة الموارد وضعف الإمكانيات، إلا أننا نسعى بكل الوسائل لتوفير الدعم الممكن قدر استطاعتنا لتقديم الخدمات الصحية والنفسية للمرضى، إضافة إلى التوعية بالمرض وأسبابه ومضاعفاته وسبل الوقاية منه بجهود محدودة وذاتية، ولكننا للأسف نجد تحديًا أمام الانتشار الكبير للمرض وزيادة الحالات من عام لآخر، بسبب الجهل وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتفاقم الوضع الصحي والمعيشي في ظل الحرب المستمرة منذ 9 أعوام.
ناقوس خطر
الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا و الدم الوراثي وكانت قد أعلنت في بلاغ رسمي لها في 30 أكتوبر من العام 2022 عن نفاذ مخزون صنف Hydroxyurea 500mg وهو الدواء الأساسي لآلاف المرضى المصابين بالثلاسيميا والأنيميا المنجلية من مخازن وزارة الصحة العامة والسكان ، وكذا من مخازن المراكز العلاجية التابعة للجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي
وحذرت من لجوء المرضى لشراء العلاج من السوق دون معرفة المصدر وقد يكون منخفض الجودة وقد يقوم المهربون وتجار الادوية بتوفيرها بأسماء وأشكال مختلفة ليس جيدا بل طمعا في الربح السريع.
وطالبت المنظمات الدولية والحكومية بسرعة توفير دواء ( Hydroxyurea 500mg ) وأدوية سحب الحديد ( Deferasirox 500mg ، Deferoxamine 500mg ) سرعة توفير الكميات المطلوبة من هذه الأصناف الدوائية الهامة لمرضى انحلال الدم الوراثي.. للإسهام في استقرار صحة المرضى والحفاظ على حياتهم .
أرقام واحصائيات
بلغ عدد المرضى المقيدون لدى سجل الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي بصنعاء منذ العام 2022 حتى أبريل 2024 قرابة 1,200 مصاب منهم 647 ذكور و 516 إناث . .
أما كعلاج نهائي للمرض فهو عبارة عن إجراء عمليات زراعة نخاع العظم وهي عملية مكلفة وغير مضمونة النتائج %100% ومراكز إجراؤها غير موجودة في اليمن ويلجأ إليها المريض وأسرته بصفة شخصية دون الرجوع للجمعية كونها تجرى في خارج البلاد وتحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة, وتقريبا هناك عشرات الحالات قد أجرت العملية قدر لعدد منها النجاح والبعض الآخر لم يكتب لها ذلك.
مبينة أن ما لديها من أرقام واحصائيات ليست لجميع المحافظات بل للحالات التي تصل اليها ومراكزها في الحديدة وتعز مشيرة الى تصريحات لبعض المسؤولين في الجهات ذات العلاقة تقدر فيها أن عدد الحالات في الجمهورية اليمنية يتجاوز ثلاثون ألف حالة مرضية ناهيك عن حاملي المرض وهم أضعاف عدد المصابين وربما يصل إلى مئات الآلاف.
الجهل وغياب القانون
يقول الخياطي أن أسباب أمراض الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية لايوجد سبب خاص باليمن لانتشارها دوناً عن بقية الدول سوى انتشار الجهل وعدم اصدار قانون الزامية الفحص الطبي المبكر والاستشارة قبل الزواج والذي يعمل على الحد من هذه الأمراض المزمنة كونها وراثية تنتقل للأبناء عن طريق الأبوين إذا كانا يحملان الجين الوراثي أو أحدهما حامل والآخر مصاب أو كلاهما مصاب.
وأضاف بأن الزواج الآمن لإنجاب أطفال أصحاء يكفي سلامة أحد طرفي الزواج – على الأقل – من الجين الوراثي وبالنسبة للدول الأخرى فقد عملت مبكراً على مكافحة مثل هذه الأمراض الوراثية وغيرها بإصدار القوانين بإلزامية الفحوصات والاستشارة الطبية قبل الزواج وأعطت نتائج إيجابية حتى أن بعض الدول والشعوب العربية قد احتفلت بعدم تسجيل حالات جديدة بتلك الأمراض قبل حوالي عشر سنوات.
حلول لتخفيف المعاناة
لتخفيف المعاناة يجب تصميم برامج التوعية والوصول إلى مرضى الثلاسيميا من خلال مناهج مبتكرة، حسب دراسة أكاديمية عن النمط والملف السريري للثلاسيميا بين الأطفال المرضى الذين يحضرون إلى مراكز الجمعية اليمنية للثلاسيميا واضطرابات الدم الوراثية في اليمن.
وحسب الدراسة، يجب توفير التثقيف العام حول مرض الثلاسيميا من خلال اجتماعات دورية موجهة للمهنيين الصحيين، بمن في ذلك الأطباء والممرضات العاملين في المجتمع، وأفراد الأسرة.
من المهم توفير علاج مخلب للحديد مجانًا وبطريقة كافية ومنتظمة لجميع المرضى. التبرع بالمال مهم لتقليل العبء المادي والنفسي على المريض وعائلاتهم.
إن علاج مرض الثلاسيميا متعدد الأوجه ومكلف. ومع ذلك، فإن الوقاية منه فعالة من حيث التكلفة. لذلك من المرجح أن تكون الوقاية من مرض الثلاسيميا هي الاستراتيجية الأكثر قابلية للتطبيق لتقليل عبء مرضى الثلاسيميا على العائلات، وإدارة نظام رعاية صحية مستدام.
المصدر - المشاهد نت
تعليقات
إرسال تعليق