درج – صفية مهدي :
نادراً ما تجد بين اليمنيين من يحفظ أسماء مطربات بلاده، لا سيما اللواتي برزن في العقد الأخير، باستثناء فضاء اليمنيين المقيمين خارج البلاد، على رغم أن لليمن تاريخاً عريقاً في الغناء، بأنماطه المتعددة، إلا أن حضور النساء في الغناء تراجع راهناً، بعد حضور خجول في عقود سابقة.
وفيما تواجه المرأة اليمنية عموماً عوائق اجتماعية متعددة ولا تزال النظرة الغالبة تعتبرها “ضلعاً قاصراً”، يواجه الغناء عوائق إضافية، إذ يصنّف أحياناً بين المهن والأعمال الهابطة، فضلاً عن النظرة الدينية المتشددة التي يذهب بعضها إلى اعتبار “صوت المرأة عورة”.
وعلى رغم جملة التحديات القديمة والجديدة، إلا أن يمنيات كثيرات سجّلن حضوراً مهماً في عقود سابقة تلت ثورتي أيلول/ سبتمبر 1962 (شمالاً)، وتشرين الأول/ أكتوبر 1963 (جنوباً)، حيث برزت أصوات منها منى علي، أمل كعدل، تقية الطويلية، جميلة سعد، وغيرهن من المطربات.
أما بين المقيمات خارج اليمن، فهناك مغنيات تجاوزن البيئة والظروف الاجتماعية، على غرار، الفنانة أروى (وهي يمنية من أصل حضرمي)، كذلك الفنانة بلقيس أحمد فتحي، وفي العام الماضي، برز اسم يمنية تقيم في تركيا وهي سهى المصري، بعد مشاركتها في برنامج “ذا فويس” على “إم بي سي”.
فاطمة مثنى (26 سنة)، اكتشفت منذ الطفولة موهبتها الغنائية وعملت على صقلها، عبر إحياء حفلات زفاف نسائية ومهرجانات، وشاركت مع فنانين يمنيين آخرين في مناسات اجتماعية، تؤكد لـ”درج”، أن الحضور القوي للمرأة في عالم الفن، تراجع “ككل شيء في بلادنا”.
ترى مثنى أن المرأة تواجه في طريق الغناء تحديات كثيرة، “أهمها نظرة المجتمع لها”، إضافة إلى “نقص المادة أي المحتوى القوي الذي يخدم المجتمع”، وذلك لأن الفن بنظرها “رسالة وعلينا تقديم رسالة قوية وإلا لن يكون لبروزنا أي معنى”، كما أن “نقص الإمكانات المادية يشكل عائقاً كبيراً للمرأة التي تحاول أن تنتج أعمالها بنفسها”.
أما عن سبب بروز المرأة اليمنية في الخارج، فتقول: “ربما لأنها وجدت دعماً معنوياً ومادياً وابتعدت من المحبطين والمتمسكين بالعادات والتقاليد المزيفة التي تحد من مشاركة المرأة وظهورها، وابتعدت ممن يقحم الدين في كل جوانب الحياة ويصفها ويصف صوتها بالعورة!
عودة إلى الوراء
أريج السيد، هي الأخرى، يمنية تقيم في مصر، أظهرت في السنوات الأخيرة رغبتها بالبروز في الغناء بعدما شاركت في أعمال فنية، لا سيما المسلسلات.
تشكو السيد لـ”درج”، من ضعف مشاركة المرأة اليمنية في عالم الغناء وخصوصاً في هذا الوضع الراهن.
تقول: “إذا رجعنا إلى الوراء سنجد أسماء يمنية لمعت في فترات سابقة، من نساء ورجال”، مشيرة إلى أن “عقلية المجتمع كانت أبسط بكثير من الراهن، فالمواطن اليمني، كان يهتم بالمغنين برحابة صدر، على رغم الأعراف والتقاليد؛ أما الآن، فثقافة العيب تغلب الموهبة والحلم والعفوية، على رغم أن اليمن معروف بزخمه الفني والأصوات الجميلة، إلا أن هناك عوائق اهمها نظرة المجتمع وخصوصاً تجاه النساء”. وتأسف لغياب وزارة الثقافة وعدم قيامها بدورها بالاهتمام المواهب وصقلها.
إقرأ أيضاً "فيديو" الشيخ سلطان البركاني .. محطات في السياسة والحياة
الناقد الأدبي جمال حسن يقول لـ”درج”، إن “حضور الأصوات النسائية محدود في الأعراس”، مؤكداً أن “الأوضاع الاجتماعية، أي الجانب المحافظ والنظرة إلى الفن ولا سيما الغناء، ليست جديدة، إنما زاد الطين بلة، التشدّد الديني وصعود الحركات الإسلامية، وهيمنة خطابها، ما انعكس بصورة سلبية فتراجع بروز أصوات نسائية جديدة”، إلى جانب العوامل الأخرى.
مواهب تحتاج إلى بيئة
الملحّن والمؤلف الموسيقي فؤاد الشرجبي يقول لـ”درج”، إن اليمن يزخر بالمواهب في المجالات كافة، ولكن كما نعرف فإن “الموهبة لا تنمو وتترعرع إلا في بيئة خصبة ومجتمع واعٍ، يساعد على تشجيع هذه المواهب وتبنّيها”، موضحاً أنه في ما خص الأصوات النسائية تحديداً “لا شك في أن هناك الكثير من الأصوات الرائعة والمدهشة، وهذا ما نلمسه في الفعاليات والأنشطة الفنية المدرسية، حيث نتابع هذه المواهب عن كثب ونفاجأ بقدارات خارقة لدى الأطفال من البنين والبنات”، ومع ذلك “قد يجد الشبان متنفساً أوسع لممارسة مواهبهم خارج المدرسة، ولكن يختلف الأمر بالنسبة إلى الفتيات”.
الشرجبي الذي يرأس مؤسسة “البيت اليمني للثقافة والفنون”، يرى أن الفن في اليمن لا يزال “يعاني من غياب الاهتمام والتقدير الحقيقي من الدولة والمجتمع، ما ينعكس وبشكل اكبر على الراغبات في احتراف الغناء، وتتضاعف معاناتهن بسبب التمييز القائم على الجنس”.
ويضيف: “للأسف غابت عن الساحة أصوات نسائية ناضجة ورائعة، كما لا توجد جهود فعلية للدعم والتشجيع، لذلك المطربات الموجودات في اليمن عليهن دعم أنفسهن والوقوف وحيدات أمام هذا التهميش الذي أصبح واقعاً في السنوات الأخيرة، فيما كان الوضع أفضل عام 1994″.
ويشير الشرجبي إلى أن غياب الأصوات النسائية، يعود أيضاً إلى غياب شركات الإنتاج الفني، وضياع حقوق الملكية الفكرية. كما أن محدودية الدخل تجعل من الصعب أن تنتج المطربة عملاً فنياً أو اغنية تواكب التطور الحاصل في عالم الموسيقى والغناء. لذلك قررت مطربات التوقف عن الغناء، أو الاكتفاء بحفلات الأعراس النسائية، فيما تواظب قليلات على الغناء في إطار النشاط المجتمعي في فعاليات محدودة، وهذا موجود في العاصمة صنعاء وفي عدن وتعز، وفي بقية المحافظات إنما نادراً”.
أعمال وطنية وأصوات واعدة
وفقاً للشربجي، أنتجت فنانات يمنيات أعمالاً غنائية وطنية تحاكي الظروف التي يمر بها اليمن، ومنهن الفنانة شروق التي قدمت أكثر من 5 أغنيات وفيديو كليبات في هذا الاتجاه، والفنانة إيمان ابراهيم، فضلاً عن سهى المصري التي أنتجت مجموعة أغنيات عاطفية وشعبية يمنية بعد مشاركتها في برنامج “ذا فويس”.
وهناك أيضاً “أص
وات شابة واعدة ورائعة ما زالت في الداخل، وتحاول الموهوبات تحقيق طموحاتهن وإيصال رسائلهن الفنية عبر الانترنت واليوتيوب، في إنتاجات فنية ذات أهداف إنسانية ومجتمعية ووطنية”، أمثال علاء الناصري، رحاب قطابري، نورهان خالد، نور خالد، شيماء ابراهيم، وأخرياتم
المصدر موقع "المشاهد نت "
لقرائة التقرير من المصدر إضغط هنأ
تعليقات
إرسال تعليق