تعز – مجاهد حمود :
بوجهه الشاحب وجسمه الهزيل يتحدى عمار ذو الإحدى عشر عاماً الألم متمسكاً بفرص النجاة وغير مستسلم للتلاسيميا التي تلازمه منذ 11 عام وهو لم يتجاوز 6 أشهر من العمر , يتحدث عمار عن معاناته مع المرض المتواصل الذي أرهقه منذ الطفولة " اعاني من ألم شديد في مفاصل العظام هو الأكثر وجعاً مع الحمى المتواصلة تفقدني وعيي احيانا" ولكني اتجنب الكثير من الاشياء كالتعب أثناء المشي الطويل او تعرضي للبرد , واكثر ما أخشاه ان يمطر وانا في طريق واتبلل على الفور يأتي الالم في ظهري ومفاصل العظام وتبدا الحمى في جسمي حتى ان معدتي تتوقف على الفور, وبنبرة حزن يستدرك عمار حديثه لست عادياً كالبقية جسمي لا يتحمل أي تعب أشعر بضعف في جسمي , أحمل الالم بكل قساوته ورغم هذا لا أحد يشاهده .
عبد الرحمن أب لأحد المرضى يتحدث عن معاناته اليومية، الذي أرهقه السفر المتواصل من ريف شرعب الى مدينة تعز، بحثًا عن دواء لطفله المصاب بتكسر الدم " التلاسيميا" يقول " كنت اضطر للسفر مرتين بالشهر الى مدينة تعز لعمل الفحوصات والادوية للطفل محمد الذي ظهرت أعراض المرض عليه وهو في عامه الاول استمريت قرابة العام وانا ذاهب وعائد من والى مدينة تعز لعلاجه " تكاليف السفر باهضه حقا والحال كما ترى فقررت بعدها أن أبحث عن غرفتين وحمام ومطبخ في المدينة لأعيش فيها وهذا ما حصل "
ويضيف " كل شهر يتم نقل دم لطفلي مرتين مشيرا بأن ارتفاع درجة الحرارة في جسمه هي من تفقده الدم " معاناة لا يحس بها غير المرضى واهاليهم "
ما هو مرض التلاسيميا والأنيميا المنجلية
الدكتور خالد النهاري رئيس الجمعية اليمنية لأصدقاء مرضى الدم بمدينة تعز يعرف مرض التلاسيميا بانه فقر دم البحر الأبيض المتوسط"، مرض وراثي يحدث عند التقاء جينين احدهما من الأب والاخر من الأم مسببا خللا في سلاسل البروتين الموجودة في جزيء الهيموجلوبين أو "خضاب الدم" فإذا كان الخلل والنقص في سلاسل بيتا يكون المرض بيتا تلاسيميا واذا حصل النقص في سلاسل "الفا" فالمرض الفا تلاسيميا وقد تكون الحالة خفيفة تسمى الصغرى او متوسطة أو كبرى والتي يحتاج فيها المريض الى نقل الدم كل ثلاثة الى اربعة اسابيع مدى الحياة واستخدام ادوية لسحب او ازالة الحديد من أنسجة ودم المريض بشكل دائم.
ويضيف الدكتور / خالد النهاري تعريفا لمرض اخر من أمراض الدم الوراثية وهو فقر الدم المنجلي والذي هو الاكثر شيوعا وانتشارا في تعز مقارنة بمرض التلاسيميا وهو عبارة عن خلل في كريات الدم الحمراء يكون فيها زيادة في نوع غير طبيعي من هيموجلوبين الخلية يسمى s hb وهو ناتج عن وراثة جين المرض من الأبوين فإذا انتقل جين واحد يكون الطفل حامل للمرض "AS" ولا تظهر اعراض المرض فيه اما إذا ورث جينين من الاب والأم معا " فيكون الطفل مريضا" أي (ss ) وتظهر عليه أعراض المرض المتمثلة غالبا في فقر الدم الناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء غير الطبيعية ذات الشكل المنجلي والتي تكون غير مرنة و غير قابلة للمرور السلس في الأوعية الدموية مقارنة بالكريات الطبيعية التي تكون مرنة وقابلة للمرور بكل سهولة في الشعيرات او الأوعية الدموية ما يسبب نوبات ألم شديدة في العظام والمفاصل والدماغ وأجزاء مختلفة من جسم المريض وتناقص في خضاب الدم او الهيموجلوبين مؤديا الى مضاعفات .
ارتفاع ملحوظ
تشهد الحالات المصابة بأمراض الدم الوراثي التلاسيميا وفقر الدم المنجلي ارتفاع ملحوظاً خلال العام 2020 والعام الحالي مقارنة بالعام 2019م حسب تصريح رئيس الجمعية اليمنية لأصدقاء مرضى الدم بمدينة تعز الدكتور خالد النهاري واكد النهاري في حديثه للمشاهد بان الجمعية تستقبل يوميا من 40 الى 45 حالة مصابة بأمراض الدم الوراثية منذ بداية العام الحالي 2021م , مشيرا الى زيادة العدد مقارنة بالعام 2019 والذي كانت تستقبل الجمعية خلاله من 20 حالة الى 23 حالة وهذا العدد للأسف كبير
إمكانيات بسيطة
لم نتلقى أي دعم لا حكومي ولا دولي وإنما نعمل بجهود ذاتية , هناك شح كبير في الادوية للمرضى ولم يتوفر لدينا سوى " هدرا" الدواء الخاص بفقر الدم المنجلي والذي نعطيه للمرضى بينما بقية الأدوية يقوم بشرائها المرضى من الصيدليات
هناك معاناة حقيقية للمرضى وأهالي المرضى بتوفير الأدوية وهو ما يفاقم الألم والوجع ويضيف أوجاعاً الى أوجاعهم
ويستطرد الدكتور خالد النهاري رئيس جمعية رئيس الجمعية اليمنية لأصدقاء مرضى الدم بمدينة تعز حديثه " رغم شحة الموارد وضعف الإمكانيات إلا أننا نسعى بكل الوسائل لتوفير الدعم الممكن قدر استطاعتنا لتقديم الخدمات الصحية النفسية للمرضى إضافة الى التوعية بالمرض وأسبابه ومضاعفاته وسبل الوقاية منه بجهود محدودة وذاتية ولكننا للأسف نجد تحديا أمام التوسع الكبير للمرض وزيادته من عام لأخر بسبب الجهل وارتفاع معدلات البطالة والفقر وتفاقم الوضع الصحي والمعيشي في ظل الحرب المستمرة منذ سبعة أعوام.
إهمال حكومي
يشكوا مسؤولا الجمعية في مدينة تعز من التقصير والإهمال من قبل السلطة المحلية ومكتب الصحة لجمعية أصدقاء الدم لرعاية مرضى الدم الوراثي والتي تعاني من شح كبير في الادوية نظرا لعدد الحالات التي يتم استقبالها بشكل يومي والتي تصل الى 40أكثر من حالة مما يستدعي الاهتمام من قبل الجهات الحكومية من خلال تقديم الدعم اللازم للمرضى ولكن لا حياة لمن تنادي خالد النهاري رئيس الجمعية اكد للمشاهد ان السلطة المحلية لا تقدم اي دعم وإن قدمت فهي لا تقدم سوى أدوية مقربة من فترة صلاحيتها ولم يتبقى لها من تاريخ الانتهاء سوى شهر أو شهرين
احتياجات للبقاء على قيد الحياة
وأوضح رئيس الجمعية الاحتياجات الأساسية لمرضى التلاسيميا والمرضى المعتمدين على نقل الدم باستمرار وكذلك علاج الهيدروكسي يوريا لمرضى فقر الدم المنجلي وايضا مركز رعاية مرضى التلاسيميا والدم الوراثي بحاجة ماسة الى المحاليل المخبرية والمستلزمات الطبية اللازمة لاستمرار تقديم الرعاية الصحية كما يحتاج المرضى الى امدادات مستمرة بالدم الأمن الضروري جدا لبقائهم على قيد الحياة
قلة وعي
وأكد الدكتور " خالد النهاري للمشاهد بأن زواج الأقارب الذين يحملون المرض والزواج بلا فحوصات له نتائج كارثية يتحمل تبعاتها الابناء وتزداد المعاناة اليومية مع زيادة قلة الوعي بأهمية إجراء الفحوصات قبل الزواج من جهة، خاصة الزواج بين الأقارب للتأكد من عدم حملهم لهذا المرض الذي ينتقل للأبناء وراثياً ، بسبب الجهل الحاصل تجاه هذا الموضوع الذي فاقم زيادة عدد الحالات المرضية بالدم الوراثي , وأضاف " هناك قصور كلي من قبل الجهات الاعلامية للتحذير من هذه الكارثة وتقديم النصح عبر جميع وسائل الإعلام للحد من تفشي المرض بشكل أكبر ,
وشدد الدكتور خالد على أهمية إجراء الفحص قبل الزواج كونه الحل الوحيد للحد من زيادة الحالات المرضية المصابة بأمراض الدم الوراثية.
أرقام وإحصائيات
تستقبل جمعية أصدقاء الدم في مدينة تعز من 40 حالة الى 45 حالة بشكل يومي مصابة بأمراض الدم الوراثية منذ بداية العام الحالي في مدينة تعز
وخلال العام 2019م تم رصد 7200 حالة مصابة بالمرض و 102 حالة وفاة , بينما في العام 2020 م تم رصد 10800 حالة منها 116 حالة وفاة , إضافة الى 13,200 حالة تم رصدهم منذ بداية العام الحالي ,
وذكرت تقارير عالمية بأن ما يقارب 7% من اجمالي سكان العالم حاملون لأمراض الاضطرابات في الهيموجلوبين 300 إلى 500 ألف طفل يولدون مصابين بأمراض الاضطراب في الهيموجلوبين 70% من الاطفال يولدون مصابين بالأنيميا المنجلية والبقية مصابون بالتلاسيميا ، ويموت سنويا 50ـ 80 % من الاطفال المصابين بالأنيميا المنجلية ويموت سنويا 50 الى 100 الف طفل مصاب بالتلاسيميا الكبرى.
تعليقات
إرسال تعليق