انتشار السوق السوداء للكتب المدرسية في اليمن-صورة متداولة |
تعز- مجاهد حمود
تعاني محافظة تعز، كغيرها من المحافظات اليمنية، من التأثيرات السلبية الناجمة عن الصراع الدائر في البلاد. ويعد نقص الكتاب المدرسي في المدارس من أبرز المشاكل التي تواجه قطاع التعليم في اليمن.
وبينما تنعدم الكتب المدرسية في المؤسسات التعليمية، تتوافر هذه الكتب في الأسواق السوداء بأسعار مرتفعة، مما يزيد من معاناة الأسر الفقيرة ويؤثر بشكل مباشر على جودة التعليم.
عبدالرحمن علي، محاضر في كلية التربية بجامعة تعز، وأب لستة أولاد، يقول لـ “المشاهد” إن نقص الكتب المدرسية مشكلة تعليمية تؤرق أولياء الأمور والمعلمين. يوضح عبد الرحمن: “كيف بمتعلم لا يجد ماذا يقرأ، وكيف يراجع موضوعاته الدراسية، وكيف لولي أمر أن يتابع أولاده، وكيف يساعد المدرسة في ظل انعدام الكتب. أنا تربوي وولي أمر أجد صعوبة بالغة في الوقوف على مستوى التحصيل لدى أبنائي، وكذلك في إتاحة المجال للمتعلم أن يبحث عن المعلومة بنفسة من داخل الكتب.”
أكثر من ألف مدرسة في تعز
مدير الإعلام التربوي بمكتب التربية والتعليم بتعز محمود طاهر للمشاهد يقول لـ “المشاهد” إن إجمالي عدد المدارس بمحافظة تعز يصل إلى 1122 مدرسة حكومية وأهلية، منها 942 حكومية و 180 أهلية خلال العام الحالي 2024.
ويرى التربوي سعيد دماج أن نقص الكتاب المدرسي مشكلة لها عدة أسباب، منها الحرب المستمرة التي دمرت البنية التحتية التعليمية، بما في ذلك المدارس والمطابع الحكومية التي كانت تتولى طباعة وتوزيع الكتب.
والسبب الآخر هو نقص التمويل الحكومي وغياب الدعم الكاف، وهذا أدى إلى عدم قدرة وزارة التربية والتعليم على توفير الكتب لكل الطلاب، بالإضافة إلى الفساد الإداري في بعض المناطق، حيث يتم تحويل مسار الكتب المدرسية إلى السوق السوداء بدلاً من توزيعها على الطلاب.
ويرى إبراهيم سيف، أحد أولياء الأمور في مدينة تعز، أن نقص الكتب المدرسية في المدارس أدى إلى ظهور سوق سوداء، حيث ينتشر باعة الكتب المدرسية في العديد من الأسواق، وغالبًا ما تكون الكتب المتوفرة قد تم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية.
يضيف: “يُشكل هذا الوضع تحديًا كبيرًا للأسر، بخاصة تلك التي تعاني ضائقة مالية، حيث تجد نفسها مضطرة لشراء الكتب بأسعار مرتفعة لتلبية احتياجات أبنائها التعليمية.”
أثر انعدام الكتاب المدرسي على التعليم
يقول سعيد صالح، أحد التربويين بمديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، إن نقص الكتاب المدرسي له تأثيرات كارثية على العملية التعليمية، تتمثل في تدني مستوى التحصيل العلمي، إذ يواجه الطلاب صعوبة كبيرة في متابعة المناهج الدراسية، مما يؤدي إلى ضعف تحصيلهم العلمي.
يؤكد سعيد أن الكتاب المدرسي يمثل المصدر الرئيس للمعلومات والمادة الدراسية التي يعتمد عليها الطالب في فهم الدروس والقيام بالواجبات المنزلية، وفي غياب هذا المصدر، يصبح من الصعب على الطالب استيعاب المفاهيم بشكل صحيح، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات التحصيل الدراسي بشكل عام.
الطلاب الذين لا يستطيعون الحصول على الكتب، سواء لعدم توفرها في المدارس أو بسبب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، يشعرون بالإحباط ويفقدون الدافع لمواصلة الدراسة. هذا الأمر يؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا من المجتمع، مثل الفتيات والأطفال من الأسر الفقيرة، مما يزيد من الفجوة التعليمية بين الطبقات المختلفة، وفقًا لسعيد.
يجد المعلمون صعوبة في تدريس المواد الدراسية بشكل فعال، حيث يضطرون إلى الاعتماد على وسائل أخرى قد تكون غير متوفرة أو غير كافية. كما أن نقص الكتب يؤدي إلى صعوبة في تقييم مستوى الطلاب ومتابعة تقدمهم الأكاديمي، مما ينعكس سلبًا على جودة التعليم.
يضيف سعيد: “إن الشعور بالإحباط والعجز عن الحصول على الكتب المدرسية يؤدي إلى آثار نفسية سلبية على الطلاب، حيث يشعرون بأنهم محبطون وغير قادرين على مواصلة تعليمهم مثل أقرانهم الذين يتمكنون من الحصول على الكتب. هذا الشعور قد يؤدي إلى زيادة في مستوى القلق والتوتر بين الطلاب، ما قد ينعكس على أدائهم المدرسي.”
يوضح حزام، ويقول: “يجب تشديد الرقابة على توزيع الكتب المدرسية لضمان وصولها إلى المدارس وعدم تسريبها إلى السوق السوداء. يمكن تحقيق ذلك من خلال تشكيل لجان محلية مستقلة لمتابعة عملية توزيع الكتب وضمان وصولها إلى الطلاب.”
الحلول الممكنة
حزام حميد، وكيل إحدى المدارس في شرعب الرونة، يقول لـ “المشاهد” إن مواجهة هذه المشكلة يتطلب اتخاذ خطوات جادة من قبل الجهات المعنية والمجتمع الدولي. يمكن النظر في مجموعة من الحلول، مثل تعزيز الرقابة على توزيع الكتب المدرسية.
يوضح حزام، ويقول: “يجب تشديد الرقابة على توزيع الكتب المدرسية لضمان وصولها إلى المدارس وعدم تسريبها إلى السوق السوداء. يمكن تحقيق ذلك من خلال تشكيل لجان محلية مستقلة لمتابعة عملية توزيع الكتب وضمان وصولها إلى الطلاب.”
يحث حزام المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تقديم دعم أكبر لقطاع التعليم في تعز من خلال توفير الكتب المدرسية أو تمويل طباعتها وتوزيعها، وهذا الدعم يمكن أن يسهم في تخفيف العبء عن كاهل الحكومة اليمنية والمجتمع المحلي.
يختم حديثه، ويقول:”يمكن للمجتمع المحلي في تعز أن يلعب دورًا كبيرًا في حل هذه المشكلة من خلال إطلاق مبادرات تهدف إلى جمع الكتب المدرسية المستعملة وتوزيعها على الطلاب الذين لا يستطيعون شراءها. هذه المبادرات يمكن أن تساعد في سد الفجوة بين الطلاب وتوفير فرص متساوية لهم في الحصول على التعليم.”
المصدر - المشاهد نت
تعليقات
إرسال تعليق